تحديد ليلة القدر لأول مرة في تأريخ الفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم انا انزلنه في ليله القدر (1)
وما ادريك ما ليله القدر (2)
ليله القدر خير من الف شهر (3)
تنزل المليكه والروح فيها باذن ربهم من كل امر (4)
سلم هي حتي مطلع الفجر(5)
.....................................................
من تجليات الإعجاز العددي في القرآن الكريم أنه يمكن وباستخدام أساليبه بصورة حذرة ودقيقة من التوصل إلى أجوبة لبعض المسائل المُختلَف فيها أو التي لم يُجزم فيها أو تحتمل عدة أوجه حيث يُطرح كمؤيد ومُرجح لأحد الأوجه المطروحة، وقد تم دراسة سورة القدر المباركة في محاولة لتحديد ليلة القدر ، وقد ظهرت النتائج مطابقة تماماً لما أجمع عليه علماء مدرسة أهل البيت(ع)، استنادا إلى الروايات الشريفة عن الرسول الأكرم(ص) والأئمة الميامين(ع).
عند متابعة روايات أهل ابيت (ع) في هذا الصدد نخلص الى أن ليلة القدر هي إحدى ليالي العشر الأواخر الوترية من شهر رمضان المبارك وقد تكون ليلة تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين حسب الروايات مع تأكيدات على ليلة ثلاث وعشرين وهي ليلة الجهني / هامش: (وحديثه: انه قال لرسول الله(ص): إن منزلي نائ عن المدينة فمرني بليلة ادخل فيها فأمره بليلة ثلاث وعشرين، قال الشيخ أبو جعفر(ع): واسم الجهني عبد الله بن أنيس الأنصاري).
سبب إخفاء ليلة القدر
والفائدة من إخفاء هذه الليلة أن يجتهد الناس في العبادة ويُحيوا جميع ليالي شهر رمضان طمعاً في إدراكها كما أن الله سبحانه أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم في الأسماء وساعة الإجابة في ساعات الجمعة / هامش: (تفسير مجمع البيان ج5 ص518.)، وعن أمير المؤمنين(ع) قال:(إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة، أخفى رضاه في طاعته فلا تستصغرن شيئاً من طاعته فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئاً من معصيته فربما وافق سخطه معصيته وأنت لا تعلم، وأخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئاً من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبداً من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم) / هامش: (الخصال للصدوق ج1 ص209.) ، بالإضافة إلى انه قد يحصل اختلاف في رؤية الهلال بين بلد وآخر أو بين أبناء البلد الواحد كما هو حاصل في عصرنا هذا، وبالتالي قد يخطئ الليلة من رام قيامها وإدراك فضلها فأُخفيت حتى يجتهد الناس في الشهر كله وخاصة العشر الأواخر.
وأما أسباب تعرضنا لمحاولة تعيين ليلة القدر فهي:
1. إن بعض الروايات قد أفصحت عن ليلة واحدة بعينها وما بحثنا إلا لترجيح كفة بعض هذه الروايات في حال تطابق النتائج معها.
2. إن كثيراً منا في عصرنا هذا حالهم حال الجهني .
3. إن من المندوبات تدبر القرآن ومعرفة أسراره سيما وأن هنالك أمر بالتحري وهو البحث و التفتيش عنها والله أعلم.
من المعلوم أن الليلة التي أطبق عليها رأي جمهور علماء الإمامية هي ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك فلنقرأ ونرى النتيجة :
البحث العددي
1. عدد أيام الشهر (30) - 7 ( لسبع بقين) = 23 (تقريراً لرواية عبد الله بن عباس كما جاء في البحث الروائي : فما أراها إلا ليلة ثلاث و عشرين لسبع بقين).2. عدد حروف اللغة العربية هو ثمانية وعشرون حرفاً كلها استخدمت في سورة القدر باستثناء خمسة هي ( ث، ص، ض، ظ، غ ) فيكون الوارد في السورة ثلاثة وعشرين حرفاً أي:
28-5 = 23
3. بما إن مفهوم الاية: (ليلة القدر خير من الف شهر) يشير إلى أنها تساوي على اقل تقدير ألف شهر ليس في أي منها ليلة قدر، إذاً يمكن القول: ألف شهر = ليلة القدر
و بما أن عدد مرات تكرار التعبير الشريف (ليلة القدر) في السورة كاملةً هو (3) مرات،
وبما أن عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ألف شهر) في السورة كاملةً هو (69) وكما مبين فيما يلي:
تقسيم حروف السورة كاملة
أ = 19 د = 4 ض = 0 ك = 3
ب = 3 ذ = 1 ط = 1 ل = 23
ت = 2 ر = 12 ظ = 0 م = 12
ث = 0 ز = 2 ع = 1 ن = 8
ج = 1 س = 2 غ = 0 هـ = 10
ح = 4 ش = 1 ف = 4 و = 3
خ = 1 ص = 0 ق = 3 ي = 10
مجموع أحرف التعبير الشريف (ألف شهر) من الجدول السابق = 69 وكما يلي:
أ ل ف ش هـ ر ألف شهر
19 23 4 1 10 12 المجموع = 69
ليلة القدر= س
ألف شهر = ليلة القدر
فانه يكون:
69 = 3 س (لأنها وردت ثلاث مرات في السورة كاملة)
إذاً ليلة القدر = س = 69/3
= 23
4. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في الآية: (انا انزلنه في ليله القدر)=23
5. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في الآية: (ليله القدر خير من الف شهر)= 23
6. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في الآية: (انا انزلنه في ليله مبركه انا كنا منذرين) (سورة الدخان، الآية 3.) = 23 باعتبار أن المقصود بالليلة المباركة هي ليلة القدر حسب التفاسير المعتبرة.
7. الآية الكريمة : (وما أرسلنك الا رحمه للعلمين) ، من المعلوم أن فترة الرسالة كانت 23 سنة . وعدد حروف هذه الآية هو 23 أيضاً والأمر ألأعجب هو أن عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في هذه الآية أيضاً هو 23 .
8. التعبير الشريف: (فانه نزله على قلبك باذن الله) (سورة البقرة، الآية 97) ، الذي يشير إلى أن جبريل(ع) نزّل القرآن على قلب النبي(ص) بإذن الله تعالى على مدى 23 سنة إذ أن التنزيل يكون تدريجياً بخلاف ألإنزال الذي يشير الى النزول الجملي. يشتمل هذا التعبير على بعض اللطائف العددية:
أ. رقم الآية التي يرد فيها هذا التعبير هو(97) و هو نفسه رقم ترتيب سورة القدر في كتاب الله.
ب. عدد حروف هذا التعبير هو (23) حرفاً.
ج. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في هذا التعبير = 23.
9. إن الآية الكريمة: ( طه، ما انزلنا عليك القران لتشقى) (سورة طه ، الآية1- 2) أي لم نوحِ بالقران اليك لتتعب نفسك وتجعلها في العسر، فاذا تدبرتَ هذا فإليك مايلي:
أ. عدد حروف التعبير الشريف (ما انزلنا عليك القران لتشقى) = 23 حرفاً.
ب. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في التعبير (طه، ما انزلنا عليك القران لتشقى) = 23
10. إن التعبير الشريف: (نزل به الروح الامين على قلبك) (سورة الشعراء، الآيتان 193 و 194) يشير إلى أن الروح الأمين نزل بالقرآن على قلب النبي(ص) وعلى مدى 23 سنة، فاذا تدبرت هذا فإليك مايلي:
أ. عدد حروف هذا التعبير الشريف = 23 حرفاً.
ب. عدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ليلة القدر) في هذا التعبير = 23
11. إحصاء الفعل الثلاثي (نزل) في القران الكريم = 293 والعجيب في الأمر أن تسلسل الفعل الوارد في الآية (شهر رمضان الذي انزل فيه القران...) هو التسلسل 23 من بداية القران.
12 . إحصاء كلمة (نزل) مجردة من أية مضافات = 23 ، علماً أن هذه الكلمة تشير الى التنزيل التدريجي الذي استمر 23 سنة، بخلاف الفعل أنزل الذي يشير الى الإنزال الجملي الدفعي.
13. عدد مرات ورود كلمة (ليل) ومشتقاتها في القرآن الكريم = 92
وهذا بدوره = [ رقم السورة(97) – عدد الآيات(5) ].
وعدد مرات ورود أحرف التعبير الشريف (ألف شهر) في سورة القدر كاملة = 69 ، كما مر علينا آنفاً في الفقرة 3.
والآن : 92 – 69 = 23.
14. نجمع أعداد كلمة (ليلة) الظاهرة الواردة في القرآن الكريم وهي كما يلي:
أربعين ليلة (40) + ليلة الصيام (1)+ثلـــثين ليله (30)+ أربعين ليلة(40)+ ليلة مبــركة(1)+ليله القدر(1)+ ليله القدر(1)+ ليله القدر(1) = 115 ليلة
والآن نطرح من المجموع ورود كلمة (ليل) ومشتقاتها في القرآن الكريم وهو92 أي:
115 – 92 = 23
15. العدد 115 في الفقرة السابقة لا يقبل القسمة بناتج صحيح إلا على الرقم ( 23 ) من بين الأرقام (19، 21، 23، 25، 27، 29 ) والتي تمثل الليالي الوتر في العشر الأواخر، والتي حثت الروايات على تحري ليلة القدر فيها، وكما مبين فيما يلي:
115 ÷ 19 = 6.052
115 ÷ 23 = 5 و هو يساوي عدد آيات سورة القدر.
115 ÷ 25 = 4.6
115 ÷ 27 = 4.259
115 ÷ 29 = 3.965
16. عدد حروف الآية 185 من سورة البقرة (شهر رمضان … ولعلكم تشكرون) = 184 وهذا الرقم لا يقبل القسمة بناتج صحيح إلا على الرقم ( 23 ) من بين الأرقام (19، 21، 23، 25، 27، 29 ) والتي تمثل الليالي الوتر في العشر الأواخر.
17. الحساب التكراري للتعبير (شهر رمضان الذي انزل فيه القران) = 184 وهذا الرقم لا يقبل القسمة بناتج صحيح إلا على الرقم ( 23 ) من بين الأرقام (19، 21، 23، 25، 27، 29 ) والتي تمثل الليالي الوتر في العشر الأواخر.
18. من المعروف أن القرآن نزل منجماً وعلى مدار ثلاث وعشرين سنة ثم أنزل دفعة واحدة في السنة الثالثة والعشرين في ليلة القدر فكانت ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان بمثابة عيد ميلاد القرآن الكريم.
19. عدد الآيات = 5 ، ومضروب العدد 5 هو :
1 × 2 × 3 × 4 × 5 = 120 فإذا طرحنا منه رقم السورة سنحصل على رقم الليلة وكما يلي:
120 - 97 = 23
تنبيـه مهم
1. في حالة حساب عدد الكلمات لسورة القدر مع البسملة وهي جزء من السورة فلا يكون ترتيب كلمة (هي) سبع وعشرين وفي حالة التنزل واستثناء البسملة من العد فان كلمتي (ليلة القدر) وهي الرابعة والخامسة أبلغ وأصرح في التعبير من كلمة (هي)، وعليه فلا يمكن الجزم بما نُقل عن ابن عباس من أن الليلة هي السابعة والعشرين بناءاً على تسلسل كلمة (هي) في السورة بعد حذف البسملة علماً أننا نقلنا رواية أخرى لابن عباس يشير فيها إلى الليلة الثالثة والعشرين (راجع البحث الروائي في كتابنا الذرية الخاتمة).2. جاء في تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي ج5 ص627 في رواية عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (في تسعة عشر من شهر رمضان التقدير ، وفى ليلة إحدى وعشرين القضاء ، وفى ليلة ثلاث وعشرين ابرام ما يكون في السنة إلى مثلها لله جل ثناؤه وسيفعل ما يشاء في خلقه) . عليه فإن قيام العشر الأواخر لايترك وخاصة في هذه الليالي الثلاث.
من فوائد هذا الإعجاز العددي في القران الكريم:
1. يعتبر أول بحث في الفكر الإسلامي تم فيه تحديد هذه الليلة بأدلة رياضية لاتقبل الشك.
2. يعتبر هذا البحث حلاً ينهي الإختلاف الحاصل في تحديد هذه الليلة المباركة.
3. يبين هذا البحث ما أكدته روايات أهل البيت (ع) وفي هذا ترجيح لكفة هذه الروايات وبالتالي نصر لهذه الروايات الشريفة.
4. يبين هذا البحث ان التعبير الشريف (خير من الف شهر) هو تعبير حقيقي ليس المراد منه المبالغة والكثرة.
5. يبين هذا البحث أن القران من لدن عليم خبير وأن الإعجاز العددي حقيقة قائمة.
وفي الختام لا تحرمونا من صالح أدعيتكم في هذه الليلة المباركة فيما لو أدركتموها إن شاء الله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق